علي الحبشي
قرار المصرف المركزي بتعويم العملة المحلية الريال امام العملات الأجنبية في حقيقة الامر أتى في وقت غير مناسب على الاطلاق فلازالت البلاد في مرحلة حرب وتنعدم فيها وحدة القرار السياسي والاقتصادي نظرا لان البلاد مقسمة بين وحدتين إداريتين متحاربتين تتنازعان السيطرة على المكونات المصرفية والاقتصادية والتجارية وغياب شبه كلي للاجراءات المنظمة للعمل المصرفي وانسياب الكتل النقدية للعملة المحلية والأجنبية يصاحب كل هذا عجز تام للمصرف المركزي الشرعي في عدن نظرا لعدم قدرته على تحريك أدواته في السوق المتمثّلة في البنوك من خلال مدها بحاجتها من العملات المحلية والأجنبية حتى اصبحت كل البنوك اليمنية في كل مناطق البلاد عاجزة تماما عن القيام بدورها في تنشيط العملية التجارية من الواردات والصادرات وكذا عجز هذه البنوك عن توفير حاجة السوق المحلي من العملة المحلية حتى اصبحت الهيمنة شبه كلية للصرافين والتجار الجدد والسماسرة في التحكم في أنسياب النقد المحلي والأجنبي وجني أرباح خيالية من جراء هذا التلاعب بسعر الريال امام النقد الأجنبي وسط هذه الفوضى خرج علينا المصرف المركزي مؤخرا بقرار تعويم الريال دون مبرر على الاطلاق سوى انه شرعن لهذه الاهتزازات التي تضرب الريال يوميا وتنقص من قيمته وكأن هذا القرار بمثابة ضوء اخضر للقوى المتحكمة في السوق لمزيد من التلاعب بسعر العملة ذلك ان المصرف المركزي لا يملك المقومات حاليا بضبط وتوازن السوق ورفده باي كتل نقدية يحتاجها ، ويتوقع ان تكون لهذا القرار نتائج كارثية لها اثر مباشر على حياة الناس في البلد اهمها :-
- زيادة قيمة السلع الاساسية والغير الاساسية في الاسواق المحلية بنسبة كبيرة ربما لن تقل عن 50? نظرا لارتفاع قيمة الجمارك تلقائيا حيث ان هذا التعويم سوف يزيد من المبالغ المدفوعة للجمارك نظرا لارتفاع قيمة الدولار الجمركي من 250 ريال الى السعر الحالي قرابة 370 ريال وسوف ترتفع قيمة الجمارك الى الأعلى كلما ارتفع سعر الصرف للدولار امام الريال .
- التعويم سوف يدخل كل البنوك المحلية كلاعبين جدد الى حلبة المضاربة بسعر الريال بحجة حاجة عملاءها للعملة الأجنبية وهذا ايضا سوف يسهم في أضعاف الريال وفي هذه المسألة بالذات فبدلا ان يدخل المصرف المركزي المنظومة المصرفية المحلية من البوابة الرئيسة للاقتصاد وإستعادة دورها في تفعيل النشاط التجاري من خلال ترسيخ آليات صارمة لإدارة الأزمة الحالية التي ترزح تحتها البلاد ووضع سياسات نقدية ناجعة ورفع مستوى الثقة وتحسين آليات الامتثال مع المصارف العالمية بهذا القرار للاسف فقد ادخل المصرف المركزي البنوك المحلية من البوابة الخلفية وإجبارها على الولوج في التعاطي مع سوق المضاربة للعملة في ظل الغياب الكبير للاجراءات الضرورية التي يجب ان يقوم المصرف المركزي بها .
- قرار التعويم هذا اذاً تم رفضه من الطرف الاخر المتمثل في الحوثيين والقوى المتحالفة معها وقد أعلن بالفعل بعض مسؤولي الحوثة رفضهم لهذا القرار وعدم تطبيقه لديهم سوف يعزز دورهم مجتمعيا حيث يعني هذا رفضهم لرفع مستوى الجمارك على كل الواردات التي يحتاجها الناس بل يتوقع ان يتوجه عدد من التجار في المناطق المحررة الى ارسال بضائعهم عبر الموانئ التي تقع سيطرتها تحت نطاقهم وهذا سوف يزيد من ايراداتهم وتقوية شوكتهم على حساب الشرعية .
- زيادة اسعار السلع نظرا لارتفاع مستوى الجمارك سوف يزيد من نسبة التضخم في البلاد .
- الخلاصة قرارات تعويم العملات لا تأتي من بنك مركزي لا يمتلك القدرة على توازن العرض والطلب خزينته فارغة من العملات الأجنبية والمحلية نظرا لانعدام آلية تحصيل الموارد المحلية وغياب شبه تام للصادرات بل تأتي من بنك لديه كافة الاماكانات لحماية العملة الوطنية من الانهيار بنك مركزي كل أدواته فاعله وأهمها المنظومة المصرفية في البلد وهذا للاسف لا ينطبق حاليا على البنك المركزي للحكومة الشرعية .