اصدارات المنتدى

أولويات الإعمار وإعادة التأهيل- اليمن


Sep - 30 - 2017   تحميل الاصدار

تعد اليمن إحدى اقل الدول نمواً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحتل مركزاً متأخراً في مؤشرات التنمية البشرية العالمية، حيث تصنف اليمن ضمن قائمة الدول منخفضة التنمية وتحتل المركز 160 من بين 187 دولة وفقاً لتقرير التنمية البشرية العالمي 2015، حيث بلغت قيمة دليل التنمية البشرية في اليمن حوالي 0.498 مقارنة بحوالي 0.505 لمتوسط الدول ذات التنمية البشرية المنخفضة وحوالي 0.686 للدول العربية (1). كما حققت اليمن خلال السنوات 2001 -2013 معدل نمو سنوي متوسط متواضع جداً وصل إلى حوالي 2.8% فقط وهو أقل من معدل النمو السكاني البالغ 3% سنوياً، بمعنى أن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لم يحقق أي نمو يذكر بل أنه شهد تراجعاً خلال الفترة (2)، إلى جانب ارتفاع نسبة الفقر 54% والبطالة، والأمية 41% في أوساط السكان.

لم تشهد اليمن فترات استقرار طويلة تمكنها من تحقيق أهدافها التنموية المنشودة، حيث وقع اليمن ضحية الصراعات المسلحة والعنف المتكرر بين النخب السياسية والحركات المسلحة، إلى جانب الأنشطة الإرهابية خلال العقود الماضية، الأمر الذي انعكس في محدودية الاستقرار السياسي والأمني، وما ترتب عليه من هشاشة نظام الحكم في المركز ومنافسة السلطات القبلية والاجتماعية لسلطة الدولة، وبالتالي ضعف في النظم الإدارية والمالية المعمول بها، وتزايد معدلات الفساد، ومحدودية الاستفادة من الموارد الطبيعية والبشرية التي يزخر بها اليمن في بناء اقتصاد حديث متنوع وقابل للنمو المستدام.

خلقت الصراعات المسلحة وهشاشة الأوضاع السياسية والأمنية، وضعف سيطرة الحكومة المركزية على أراضيها وبالذات مناطق الأطراف ومناطق النزاعات القبلية المتجذرة تداعيات محلية وإقليمية ودولية أثرت في مجملها على وضع الدولة وأسهمت في عجزها عن تحقيق أهداف التنمية المنشودة التي استهدفتها خطط واستراتيجيات التنمية، والتي انعكست في محدودية تلبية الاحتياجات السكانية من خدمات بنى تحتية أو خدمات التنمية البشرية، ويتضح ذلك بصورة جلية في عجز اليمن عن تحقيق أيً من أهداف التنمية الألفية أو حتى الاقتراب من تحقيقها.

أفرزت الصراعات السياسية وما نتج عنها من حروب مدمرة وآخرها الحرب الأهلية منذ مارس 2015 وحتى الأن وما ترتب عليها من تدخل إقليمي في الشأن اليمني ضغوطاً اقتصادية واجتماعية كبيرة أسهمت في تفاقم الأداء الاقتصادي وتدهوره بصورة حادة نتيجة لتراجع النشاط الاقتصادي العام والخاص وحالة الحصار المفروضة على البلد، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة وبالذات البنى التحتية والمؤسسية الأمر الذي انعكس في تدني مستوى الدخل وتزايد معدلات البطالة واستشراء الفساد وسوء توزيع الموارد والثروات. إلى جانب تدهور الجانب الاجتماعي المتمثل في تزايد حالات النزوح والقتل واللجوء والتشريد وتزايد حالات سوء التغذية وتفشي الأمراض الوبائية وما صاحب ذلك من انتهاكات لحقوق الإنسان.

 

هذه الورقة تستهدف تقييم الأداء الاقتصادي اليمني خلال السنوات الأخيرة وبالذات خلال العامين 2015، 2016 والذي شهد فيه اليمن وما يزال صراعاً مسلحاً واسعاً، وتدخلاً خارجياً توقفت بسببه معظم العمليات الإنتاجية والاقتصادية في مختلف القطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية. كما تستهدف أيضا تحديد القطاعات الأكثر تضرراً من الصراع، فضلاً عن تقديم مقترحات بالأولويات والتدخلات الاقتصادية الكلية والقطاعية اللازمة لإعادة الإعمار والإنعاش الاقتصادي في ظل الصراع وما بعد انتهاء الصراع، وتحديد الأدوار المختلفة لكافة شركاء التنمية وبالذات القطاع الخاص والمانحين إلى جانب القطاع الحكومي خلال المرحلة المقبلة.

التعليقات